أجور أعمالهم التي عملوها في الدنيا، المحسن منهم بإحسانه ما وعد الله من الكرامة، والمسيء منهم بإساءته ما أعدّه من الجزاء( وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) يقول: وجميعهم لا يظلمون: لا يجازى المسيء منهم إلا عقوبة على ذنبه، لا على ما لم يعمل، ولا يحمل عليه ذنب غيره، ولا يبخس المحسن منهم ثوابَ إحسانه.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠) ﴾
يقول تعالى ذكره:( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ عَلَى النَّارِ ) يقال لهم( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ) فيها.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ) قرأ يزيد حتى بلغ( وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ) تعلمون والله أن أقواما يشترطون حسناتهم استبقى رجل طيباته إن استطاع، ولا قوّة إلا بالله. ذُكر أن عمر بن الخطاب كان يقول: لو شئت كنت أطيبكم طعاما، وألينكم لباسا، ولكني أستبقي طيباتي. وذُكر لنا أنه لما قدم الشأم، صنع له طعام لم ير قبله مثله، قال: هذا لنا، فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ قال خالد بن الوليد: لهم الجنة، فاغرورقت عينا عمر، وقال: لئن كان حظنا في الحطام، وذهبوا- قال أبو جعفر فيما أرى أنا- بالجنة، لقد باينونا بونا بعيدا.
وذُكر لنا "أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دخل على أهل الصفة مكانا يجتمع - فيه فقراء المسلمين، وهم يرقَعون ثيابهم بالأدَم، ما يجدون لها رقاعا، قال: أنتم اليوم خير، أو يوم يغدو أحدكم في حلة، ويروح في أُخرى، ويغدى عليه بحفنة، ويُراح عليه بأخرى، ويستر بيته كما تستر الكعبة. قالوا: نحن يومئذ


الصفحة التالية
Icon