القول في تأويل قوله تعالى :﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥) ﴾
وقوله( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) : يقول تعالى ذكره: تخرّب كل شيء، وترمي بعضه على بعض فتهلكه، كما قال جرير
وكانَ لَكُمْ كَبَكْرِ ثَمُود لَمَّا... رَغا ظُهْرًا فَدَمَّرَهُمْ دَمارًا (١)
يعني بقوله: دمرهم: ألقى بعضهم على بعض صَرْعى هَلكَى.
وإنما عنى بقوله( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) مما أرسلت بهلاكه، لأنها لم تدمر هودا ومن كان آمن به.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا طلق، عن زائدة، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ما أرسل الله على عادٍ من الريح إلا قدر خاتمي هذا، فنزع خاتمه.
وقوله( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) يقول: فأصبح قوم هود وقد هلكوا وفنوا، فلا يُرى في بلادهم شيء إلا مساكنهم التي كانوا يسكنونها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة( لا تَرَى إلا مَساكِنَهُمْ) بالتاء نصبا، بمعنى: فأصبحوا لا ترى أنت يا محمد إلا مساكنهم وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة( لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) بالياء في(يُرى)، ورفع المساكن، بمعنى: ما وصفت قبل أنه لا
جَرَّ المُخْزِيات عَلَى كُلَيْبٍ | جرير ثم ما منع الذمارًا |
وكانَ لَهُمْ كَبَكْرِ ثَمُودَ لَمَّا | رَغا ظُهْرا فَدَمَّرَهُمْ دَمارًا |