مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (٣٥) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، مثبته على المضيّ لما قلَّده من عبْء الرسالة، وثقل أحمال النبوّة صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وآمره بالائتساء في العزم على النفوذ لذلك بأولي العزم من قبله من رسله الذين صبروا على عظيم ما لَقُوا فيه من قومهم من المكاره، ونالهم فيه منهم من الأذى والشدائد( فَاصْبِرْ ) يا محمد على ما أصابك في الله من أذى مكذّبيك من قومك الذين أرسلناك إليهم بالإنذار( كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) على القيام بأمر الله، والانتهاء إلى طاعته من رسله الذين لم ينههم عن النفوذ لأمره، ما نالهم فيه من شدّة. وقيل: إن أولي العزم منهم، كانوا الذين امتُحِنوا في ذات الله في الدنيا بِالمحَن، فلم تزدهم المحن إلا جدّا في أمر الله، كنوح وإبراهيم وموسى ومن أشبههم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنى ثوابة بن مسعود، عن عطاء الخُراسانيّ، أنه قال( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) كنا نحدث أن إبراهيم كان منهم.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) قال: كلّ الرسل كانوا أولي عزم لم يتخذ الله رسولا إلا كان ذا عزم، فاصبر كما صبروا.