حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور عن معمر، عن قتادة( حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) قال الحرب: من كان يقاتلهم سماهم حربا.
وقوله( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي أمرتكم به أيها المؤمنون من قتل المشركين إذا لقيتموهم في حرب، وشدّهم وثاقا بعد قهرهم، وأسرهم، والمنّ والفداء( حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) هو الحق الذي ألزمكم ربكم ولو يشاء ربكم، ويريد لانتصر من هؤلاء المشركين الذين بين هذا الحكم فيهم بعقوبة منه لهم عاجلة، وكفاكم ذلك كله، ولكنه تعالى ذكره كره الانتصار منهم، وعقوبتهم عاجلا إلا بأيديكم أيها المؤمنون( لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ) يقول: ليختبركم بهم، فيعلم المجاهدين منكم والصابرين، ويبلوهم بكم، فيعاقب بأيديكم من شاء منهم، ويتعظ من شاء منهم بمن أهلك بأيديكم من شاء منهم حتى ينيب إلى الحقّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ ) إي والله بجنوده الكثيرة كلّ خلقه له جند، ولو سلط أضعف خلقه لكان جندا.
وقوله( وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الحجاز والكوفة( وَالَّذِينَ قَاتَلُوا ) بمعنى: حاربوا المشركين، وجاهدوهم، بالألف; وكان الحسن البصري فيما ذُكر عنه يقرأه( قُتِّلُوا ) بضم القاف وتشديد التاء، بمعنى: أنه قتلهم المشركون بعضهم بعد بعض، غير أنه لم يُسمّ الفاعلون. وذُكر عن الجحدريّ عاصم أنه كان يقرأه( وَالَّذِينَ قَتَلُوا ) بفتح القاف وتخفيف التاء، بمعنى: والذين قتلوا المشركون بالله. وكان أبو عمرو يقرأه( قُتِلُوا ) بضم القاف وتخفيف التاء بمعنى: والذين --قتلهم المشركون، ثم أسقط الفاعلين، فجعلهم لم يسمّ فاعل ذلك بهم.


الصفحة التالية
Icon