* ذكر من قال ذلك:
حدثني واصل بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن فضيل، عن الوليد بن جميع، عن عبد الملك بن المُغيرة، عن عبد الرحمن بن البيلمان، عن ابن عمر، قال: يخرج الدخان، فيأخذ المؤمن كهيئة الزكمة، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق، حتى يكون كالرأس الحنيذ.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن ابن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: غدوت على ابن عباس ذات يوم، فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت، قلت: لمَ؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت.
حدثنا محمد بن بزيع، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن عوف، قال: قال الحسن: إن الدخان قد بقي من الآيات، فإذا جاء الدخان نفخ الكافر حتى يخرج من كلّ سمع من مسامعه، ويأخذ المؤمن كزكمة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عثمان، يعني ابن الهيثم، قال: ثنا عوف، عن الحسن بنحوه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي سعيد، قال: يهيج الدخان بالناس. فأما المؤمن فيأخذه منه كهيئة الزكمة. وأما الكافر فيهيجه حتى يخرج من كلّ مسمع منه قال: وكان بعض أهل العلم يقول: فما مَثل الأرض يومئذ إلا كمَثل بيت أوقد فيه ليس فيه خصاصة.
حدثني عصام بن روّاد بن الجراح، قال: ثني أبي، قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوري، قال: ثنا منصور بن المعتمر، عن رِبْعِيِّ بن حَرَاش، قال: سمعت حُذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أوَّلُ الآيات الدَّجالُ، وَنزول عِيسى بن مَرْيَمَ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدْنِ أَبْيَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إلى المَحْشَر تَقِيلُ مَعَهُمْ إذَا قالوا، والدُّخان"، قال حُذيفة: يا رسول الله
الأكْمَامِ ) يقول تعالى ذكره: في الأرض فاكهة، والهاء والألف فيها من ذكر الأرض.( وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأكْمَامِ ): والأكمام: جمع كِمّ، وهو ما تكممت فيه.
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال: بعضهم: عنى بذلك تكمم النخل في الليف.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سألت الحسن، عن قوله:( وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأكْمَامِ )، فقال: سَعَفة من ليف عُصبَتْ بها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة والحسن( ذَاتُ الأكْمَامِ ): أكمامها: ليفها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأكْمَامِ ) : الليف الذي يكون عليها.
وقال آخرون : يعني بالأكمام: الرُّفات.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة( وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأكْمَامِ )، قال: أكمامها رُفاتها.
وقال آخرون: بل معنى الكلام: والنخل ذات الطلع المتكمم في كمامه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله:( وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأكْمَامِ )، وقيل له: هو الطلع، قال: نعم، وهو في كم منه حتى ينفتق عنه، قال: والحبّ أيضا في أكمام. وقرأ:( وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا ).
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وصف النخل بأنها ذات أكمام، وهي متكممة في ليفها، وطلعها متكمم في جُفِّهِ، ولم يخصص الله الخبر عنها بتكممها في ليفها ولا تكمم طلعها في جفه، بل عمّ الخبر عنها بأنها ذات أكمام.
والصواب أن يقال: عني بذلك ذات ليف، وهي به مُتَكَممة وذات طَلعْ هو في جُفِّه متكمِّمٌ فيُعَمَّم، كما عَمَّ جلّ ثناؤه.
وقوله:( وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ) يقول تعالى ذكره: وفيها الحبّ، وهو حبّ البُرّ والشعير ذو الورق، والتبن: هو العَصْف، وإياه عنى علقمة بن عَبَدَة:
تَسقِى مَذَانِبَ قَدْ مالَتْ عَصِيفَتُها... حَدُورَها مِنْ أتِيّ المَاء مَطْمومُ (١)
طمها: ملأها لم يبق فيها شيء، وطم إناءه ملأه. وقال شارح مختار الشعر الجاهلي ٤٢٦: المذانب جمع مذنب، وهو مسيل الماء إلى الأرض، والجدول يسيل عن الروضة بمائها إلى ويرها : وعصيفتها : هي الورق الذي يجز فيؤكل، ثم يسقى أصله، ليعود ورقه. وجذورها : الذي انحدر من هذه المذانب واطمأن. الأتي : الجدول. وأراد به هنا : ما يسيل من الماء في الجدول. والمطموم: المملوء بالماء.