صدقوا الله ما وعدوه قبل نزول السورة بالقتال بقولهم: إذ قيل لهم: إن الله سيأمركم بالقتال طاعة، فَوَفَّوا له بذلك، لكان خيرا لهم في عاجل دنياهم، وآجل معادهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ ) يقول: طواعيه الله ورسوله، وقول معروف عند حقائق الأمور خير لهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعمر، عن قتادة يقول: طاعة الله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣) ﴾
يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين وصف أنهم إذا نزلت سورة محكمة، وذُكر فيها القتال نظروا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نظر المغشيّ عليه( فَهَلْ عَسَيْتُمْ ) أيها القوم، يقول: فلعلكم إن توليتم عن تنزيل الله جلّ ثناؤه، وفارقتم أحكام كتابه، وأدبرتم عن محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعما جاءكم به( أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ ) يقول: أن تعصوا الله في الأرض، فتكفروا به، وتسفكوا فيها الدماء( وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) وتعودوا لما كنتم عليه في جاهليتكم من التشتت والتفرّق بعد ما قد جمعكم الله بالإسلام، وألَّف به بين قلوبكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ )... الآية. يقول: فهل عسيتم كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطَّعوا الأرحام، وعَصَوا الرحمن.