* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن أبي هريرة( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) لم تأت هذه الآية.
وقال آخرون: هم الروم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عوف، قال: ثنا أبو المغيرة، قال: ثنا صفوان بن عمرو، قال: ثنا الفرج بن محمد الكلاعي، عن كعب، قال( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: الروم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المخلَّفين من الأعراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس في القتال، ونجدة في الحروب، ولم يوضع لنا الدليل من خبر ولا عقل على أن المعنيَّ بذلك هوازن، ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا الروم، ولا أعيان بأعيانهم، وجائز أن يكون عني بذلك بعض هذه الأجناس، وجائز أن يكون عُنِي بهم غيرهم، ولا قول فيه أصحّ من أن يُقال كما قال الله جلّ ثناؤه: إنهم سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد.
وقوله( تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ) يقول تعالى ذكره للمخلَّفين من الأعراب تقاتلون هؤلاء الذين تُدعون إلى قتالهم، أو يسلمون من غير حرب ولا قتال.
وقد ذُكر أن ذلك في بعض القراءات( تُقَاتِلُونَهُمْ أوْ يَسْلِمُوا )، وعلى هذه القراءة وإن كانت على خلاف مصاحف أهل الأمصار، وخلافا لما عليه الحجة من القرّاء، وغير جائز عندي القراءة بها لذلك تأويل ذلك: تقاتلونهم أبدا إلا أن يسلموا، أو حتى يسلموا.
وقوله( فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ) يقول تعالى ذكره فإن تطيعوا الله في إجابتكم إياه إذا دعاكم إلى قتال هؤلاء القوم الأولي البأس الشديد، فتجيبوا إلى قتالهم والجهاد مع المؤمنين( يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ) يقول: يعطكم الله على إجابتكم إياه إلى حربهم الجنة، وهي الأجر الحسن( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ ) يقول: وإن تعصوا ربكم فتدبروا عن طاعته وتخالفوا أمره،