الزهريّ، قال: كانت حميتهم التي ذكر الله، إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية، حمية الجاهلية، أنهم لم يقرّوا " بسم الله الرحمن الرحيم " وحالوا بينهم وبين البيت.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن الزهري بنحوه.
حدثني عمرو بن محمد العثماني، قال: ثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: ثني أخي، عن سليمان، عن يحيى بن سعيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " أمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتى يَقُولُوا لا إلَهَ إلا اللّهُ، فَمَنْ قال لا إلَه إلا اللّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مالَهُ وَنَفْسَهُ إلا بِحَقِّهِ وَحِسابُهُ على الله". وأنزل الله في كتابه، فذكر قوما استكبروا فقال:( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ) وقال الله( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ) وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحُدَيبية، يوم كاتبهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على قضية المدّة.
و "إذ" من قوله( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) من صلة قوله: لعذّبنا. وتأويل الكلام: لعذّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما، حين جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية، والحمية فعيلة من قول القائل: حمى فلان أنفه حمية ومحمية; ومنه قول المتلمس:
ألا إنَّنِي مِنْهُمْ وَعِرْضِي عِرْضُهُمْ... كَذا الرأس يَحْمي أنْفَهُ أنْ يُكشَمَّا (١)

(١) البيت للمتلمس جرير بن عبد المسيح ( شعراء النصرانية ٣٣٨ ) وكشم أنفه يكشمه ( كيضربه ) كشما : قطعه مستأصلا له. ويقال : حمى فلان أنفه يحميه حمية ومحمية. وفلان ذو حمية منكرة : إذا كان ذا غضب وأنفة. وقد استشهد به المؤلف عند قوله تعالى " إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية " وهي مصدر على فعلية، بمعنى الأنفة.


الصفحة التالية
Icon