وقوله( أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله، هم الذين اختبر الله قلوبهم بامتحانه إياها، فاصطفاها وأخلصها للتقوى، يعني لاتقائه بأداء طاعته، واجتناب معاصيه، كما يمتحن الذهب بالنار، فيخلص جيدها، ويبطل خبثها (١).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله( امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) قال: أخلص.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله( امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) قال: أخلص الله قلوبهم فيما أحبّ.
وقوله( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) يقول: لهم من الله عفو عن ذنوبهم السالفة، وصفح منه عنها لهم( وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) يقول: وثواب جزيل، وهو الجنة.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ٤ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) ﴾

(١) الضمير في جيدها وخبثها : راجع إلى الذهب، لأنها مؤنثة، وقد تذكر.

القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إن الذين ينادونك يا محمد من وراء حجراتك، والحجرات: جمع حجرة، والثلاث: حُجَر، ثم تجمع الحجر فيقال: حجرات وحُجْرات، وقد تجمع بعض العرب الحجر:


الصفحة التالية
Icon