الظالم، حتى يفيء إلى أمر الله، ويرضى به.
حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا نافع بن يزيد، قال: أخبرنا ابن جُرَيج، قال: ثني ابن شهاب وغيره: يزيد في الحديث بعضهم على بعض، قال: "جلس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في مجلس فيه عبد الله بن رواحة، وعبد الله بن أُبيّ بن سلول: فلما ذهب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال عبد الله بن أُبيّ بن سلول: لقد آذانا بول حماره، وسدّ علينا الروح، وكان بينه وبين ابن رواحة شيء حتى خرجوا بالسلاح، فأتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأتاهم، فحجز بينهم، فلذلك يقول عبد الله بن أُبيّ:
مَتى ما يَكُنْ مَوْلاكَ خَصْمَكَ جاهدا... تُظَلَّم وَيَصْرَعْكَ الَّذينَ تُصَارِعُ (١)
قال: فأنزلت فيهم هذه الآية( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ).
وقوله( وَأَقْسِطُوا ) يقول تعالى ذكره: واعدلوا أيها المؤمنون في حكمكم بين من حكمتم بينهم بأن لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) يقول: إن الله يحب العادلين في أحكامهم، القاضين بين خلقه بالقسط.

(١) البيت لعبد الله بن أبي بن سلول، كما عزاه المؤلف. وقد وردت قصيدة ابن سلول هذه في السيرة لابن هشام الطبعة الأولى بمطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بالقاهرة ٢ : ٢٣٦، ٢٣٧. وورد في أثنائها البيت ومعه بيت آخر، رواه ابن هشام عن غير ابن إسحاق وهما : متى ما يكن مولاك خصمك لا تزل... تذل ويصرعك الذين تصارع
وهل ينهض البازي بغير جناحه... وإن جذ يوما ريشه فهو واقع
وكان النبي ﷺ ركب حمارًا، قاصدًا إلى سعد بن عبادة يعوده من شكو أصابه، فمر بطريقه بأطم ابن سلول، فنزل يسلم عليه، وتلا عنده شيئا من القرآن. فكلم رسول الله كلامًا خشنًا، ونهاه أن يغشى مجالس الأنصار، ويعرض عليهم القرآن. وكان ابن رواحة حاضرًا، فتلطف برسول الله ﷺ وقال : بلى فاغشنا به، وائتنا في مجالسنا ودورنا وبيوتنا، هو والله مما نحب، ومما أكرمنا الله به، وهدانا له، فقال ابن أبي حين رأى من خلاف قومه ما رأى... البيتين.


الصفحة التالية
Icon