عقاب الله منهم، يعني بشرا منهم من بني آدم، ولم يأتهم مَلك برسالة من عند الله.
وقوله( فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) يقول تعالى ذكره: فقال المكذّبون بالله ورسوله من قريش إذ جاءهم منذر منهم( هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) : أي مجيء رحل منا من بني آدم برسالة الله إلينا،( هَلا (١) أُنزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ).
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (٤) ﴾
يقول القائل: لم يجر للبعث ذكر، فيخبر عن هؤلاء القوم بكفرهم ما دعوا إليه من ذلك، فما وجه الخبر عنهم بإنكارهم ما لم يدعوا إليه، وجوابهم عما لم يسألوا عنه. قيل: قد اختلف أهل العربية في ذلك، فنذكر ما قالوا في ذلك، ثم نتبعه البيان إن شاء الله تعالى، فقال في ذلك بعض نحويِّي البصرة قال( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ )، لم يذكر أنه راجع، وذلك والله أعلم لأنه كان على جواب، كأنه قيل لهم: إنكم ترجعون، فقالوا( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) وقال بعض نحويِّي الكوفة قوله :( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ) كلام لم يظهر قبله، ما يكون هذا جوابا له، ولكن معناه مضمر، إنما كان والله أعلم :( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) لَتُبْعثنّ بعد الموت، فقالوا: أإذا كنا ترابا بُعثنا؟ جحدوا البعث، ثم قالوا( ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) جحدوه أصلا قوله( بَعِيدٌ ) كما تقول للرجل يخطئ في المسألة، لقد ذهبت مذهبا بعيدا من الصواب: أي أخطأت.
والصواب من القول في ذلك عندنا، أن في هذا الكلام متروكا استغني