................... وخفضه في موضع الخفض يجوز: فلو (١) قيل( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) فرفع يومُ، لكان وجها، ولم يقرأ به أحد من القرّاء.
وقال آخر منهم: إنها نصب( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) لأنه إضافة غير محضة فنصب، والتأويل رفع، ولو رفع لجاز لأنك تقول: متى يومك؟ فتقول: يوم الخميس، ويوم الجمعة، والرفع الوجه، لأنه اسم قابل اسما فهذا الوجه.
وأولى القولين بالصواب في تأويل قوله( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) قول من قال: يعذّبون بالإحراق، لأن الفتنة أصلها الاختبار، وإنما يقال: فتنت الذهب بالنار: إذا طبختها بها لتعرف جودتها، فكذلك قوله( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) يحرقون بها كما يحرق الذهب بها، وأما النصب في اليوم فلأنها إضافة غير محضة على ما وصفنا من قول قائل ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) ﴾
يعني تعالى ذكره بقوله( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ) يقال لهم: ذوقوا فتنتكم وترك يقال لهم لدلالة الكلام عليها.
ويعني بقوله( فِتْنَتَكُمْ ) : عذابكم وحريقكم.
واختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم بالذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: تنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح،

(١) كذا في معاني القرآن. وفي الأصل : يقول : لو قيل.


الصفحة التالية
Icon