وقوله( وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ) يقول: وقال لموسى: هو ساحر يسحر عيون الناس، أو مجنون، به جنة. وكان معمر بن المثنى يقول: "أو" في هذا الموضع بمعنى الواو التي للموالاة، لأنهم قد قالوهما جميعا له، وأنشد في ذلك بيت جرير الخطفي:
أثَعْلَبَة الفَوَارِس أوْ رِيَاحا... عَدَلَتْ بِهِمْ طُهَيَّةَ والخِشابا (١)
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: فأخذنا فرعون وجنوده بالغضب منا والأسف( فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) يقول فألقيناهم في البحر، فغرقناهم فيه( وَهُوَ مُلِيمٌ ) يقول: وفرعون مليم، والمليم: هو الذي قد أتى مَا يُلام عليه من الفعل.
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله( وَهُوَ مُلِيمٌ ) : أي مليم في نعمة الله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله( وَهُوَ مُلِيمٌ ) قال: مليم في عباد الله. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله( فأخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُ ).
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) ﴾

(١) البيت لجرير بن الخطفي. من قصيدة له يهجو بها الراعي النميري ( ديوانه طبعة الصاوي ٦٦ ) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة ٢٢٧ - ١ ) عند قوله تعالى :( وقالوا ساحر أو مجنون ) : أو هاهنا في موضع الواو التي للموالاة ( العطف ) لأنه قد قالوهما جميعا له قال جرير :" أثعلبة... البيت " طهية كسمية : حي من تميم نسبوا إلى أمهم. والخشاب : بنو رزام بن مالك، وربيعة وكعب بن مالك، وحنظلة.


الصفحة التالية
Icon