حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:( رَيْبَ الْمَنُونِ ) قال: هو الموت، نتربص به الموت، كما مات شاعر بني فلان، وشاعر بني فلان.
وحدثني سعيد بن يحيى الأموي، قال: ثني أبي، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس أن قريشا لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبي ﷺ قال قائل منهم: احبسوه في وثاق، ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم، فأنزل الله في ذلك من قولهم:( أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ).
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ) الموت، وقال الشاعر:
تَرَبَّصْ بِها رَيْبَ المَنُونِ لَعَلَّهَا... سَيَهْلِكُ عَنْها بَعْلها أو "تُسَرَّحُ" (١)
وقال آخرون: معنى ذلك: ريب الدنيا، وقالوا: المنون: الموت.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان( رَيْبَ الْمَنُونِ ) قال: ريب الدنيا، والمنون: الموت.
وقوله:( قُلْ تَرَبَّصُوا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يقولون لك: إنك شاعر نتربص بك ريب المنون، تربصوا: أي انتظروا وتمهلوا فيّ ريب المنون، فإني معكم من المتربصين بكم، حتى يأتي أمر الله فيكم.

(١) وضعنا كلمة " تسرح " في قافية البيت في مكان " شحيح " التي جاءت في الأصل خطأ، فاختل بها معنى البيت ووزنه. على أن رواية الشطر الثاني كله في اللسان : ربص. وفي تفسير الشوكاني ( ٥ : ٩٦ ) وفي البحر المحيط لأبي حيان ( ٨ : ١٥١ ) والقرطبي ( ١٧ : ٧٢ ) مختلفة عن رواية المؤلف. وهو :* تطلق يوما أو يموت حليلها *
والسراح والتسريح : هو الطلاق، وفي التنزيل :" فسرحوهن سراحا جميلا ". ومعنى التربص : الانتظار. وتربص به : انتظر به خيرا أو شرا. وتربص به الشيء : كذلك. وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة ٣١٤ ) " نتربص به ريب المنون " : أوجاع الدهر، فيشغل عنكم، ويتفرق أصحابه ؛ أو عمر آبائه، فإنا قد عرفنا أعمارهم أ. هـ.


الصفحة التالية
Icon