وقوله( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) يقول جلّ ثناؤه: تجري السفينة التي حملنا نوحا فيها بمرأى منا ومنظر.
وذُكر عن سفيان في تأويل ذلك ما حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، في قوله( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) يقول: بأمرنا( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ).
اختلف أهل التأويل في تأويله: فقال بعضهم: تأويله فعلنا ذلك ثوابا لمن كان كُفر فيه، بمعنى: كفر بالله فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: كَفَر بالله.
وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: لمن كان كفر فيه.
ووجه آخرون معنى(مَنْ) إلى معنى(ما) في هذا الموضع، وقالوا: معنى الكلام: جزاء لما كان كَفَر من أيادي الله ونعمه عند الذين أهلكهم وغرّقهم من قوم نوح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: لمن كان كفر نعم الله، وكفر بأياديه وآلائه ورسله وكتبه، فإن ذلك جزاء له.
والصواب من القول من ذلك عندي ما قاله مجاهد، وهو أن معناه: ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيونا، فغرّقنا قوم نوح، ونجينا نوحا عقابا من الله وثوابا للذي جُحد وكُفر، لأن معنى الكفر: الجحود، والذي جحد ألوهته ووحدانيته قوم نوح، فقال بعضهم لبعض( لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا


الصفحة التالية
Icon