الريح تهبّ، فتدخل تحت واحد واحد، فتقتلعه من الأرض فترمي به على رأسه، فتندقّ رقبته، ففعلت ذلك بستة منهم، وتركتهم كما قال الله( أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) وبقي الخلجان فأتى هودا فقال: يا هود ما هذا الذي أرى في السحاب كهيئة البخاتيّ؟ قال: تلك ملائكة ربي، قال: ما لي إن أسلمت ؟ قال: تَسْلَم، قال: أيُقيدني ربك إن أسلمت من هؤلاء؟ فقال: ويلك أرأيت ملكا يقيد جنوده؟ فقال: وعزّته لو فعل ما رضيت. قال: ثم مال إلى جانب الجبل، فأخذ بركن منه فهزّه، فاهتز في يده، ثم جعل يقول:
لَمْ يَبْقَ إلا الخَلَجانُ نَفْسُهُ... يا لَكَ مِنْ دَهانِي أمْسُهُ... بِثابِتِ الوَطْءِ شَدِيدٍ وَطْسُهُ... لَوْ لَمْ يَجِئْني جِئْتُهُ أحُسُّهُ (١)
قال: ثم هبت الريح فألحقته بأصحابه.
حدثني محمد بن إبراهيم، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا نوح بن قيس، قال: ثنا محمد بن سيف، عن الحسن، قال: لما أقبلت الريح قام إليها قوم عاد، فأخذ بعضهم بأيدي بعض كما تفعل الأعاجم، وغمزوا أقدامهم في الأرض وقالوا: يا هود من يزيل أقدامنا عن الأرض إن كنت صادقا، فأرسل الله عليهم الريح فصيرتهم كأنهم أعجاز نخل مُنْقَعر.
حدثني محمد بن إبراهيم، قال: ثنا مسلم، قال: ثنا نوح بن قيس، قال: ثنا أشعث بن جابر، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، قال: إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراعين من حجارة، لو اجتمع عليها خمس مئة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يحملوها، وإن كان الرجل منهم ليغمز قدمه في الأرض، فتدخل في الأرض، وقال: كأنهم أعجاز نخل; ومعنى الكلام: فيتركهم كأنهم أعجاز نخل منقعر، فترك ذكر فيتركهم استغناء بدلالة الكلام

(١) وهذان البيتان من الأشعار التي رواها أهل القصص في قصة هلاك عاد قوم هود بالريح. وقد أوردها الثعلبي المفسر في كتابه قصص الأنبياء المشهور بعرائس المجالس ص ٦٤ من طبعة الحلبي أ. هـ.


الصفحة التالية
Icon