وقوله( سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ ) يقول تعالى ذكره: قال الله لهم: ستعلمون غدا في القيامة من الكذّاب الأشر منكم معشر ثمود، ومن رسولنا صالح حين تردون على ربكم، وهذا التأويل تأويل من قرأه( سَتَعْلَمُونَ ) بالتاء، وهي قراءة عامة أهل الكوفة سوى عاصم والكسائي. أما تأويل ذلك على قراءة من قرأه بالياء، وهي قراءة عامة قراء أهل المدينة والبصرة وعاصم والكسائي، فإنه قال الله( سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ ) وترك من الكلام ذكر قال الله، استغناء بدلالة الكلام عليه.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، لتقارب معنييهما، وصحتهما في الإعراب والتأويل.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) ﴾
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: إنا باعثوا الناقة التي سألتها ثمودُ صالحا من الهضبة التي سألوه بَعثَتها منها آية لهم، وحجة لصالح على حقيقة نبوّته وصدق قوله.
وقوله( فِتْنَةً لَهُمْ ) يقول: ابتلاء لهم واختبارا، هل يؤمنون بالله ويتبعون صالحا ويصدّقونه بما دعاهم إليه من توحيد الله إذا أرسل الناقة، أم يكذّبونه ويكفرون بالله؟
وقوله( فَارْتَقِبْهُمْ ) يقول تعالى ذكره لصالح: إنا مُرسلو الناقة فتنة لهم، فانتظرهم، وتبصَّر ما هم صانعوه بها( وَاصْطَبِرْ ) يقول له : واصطبر على ارتقابهم ولا تعجل، وانتظر ما يصنعون بناقة الله وقيل :( وَاصْطَبِرْ )وأصل الطاء تاء، فجعلت طاء، وإنما هو افتعل من الصبر.


الصفحة التالية
Icon