بأنا من الطعام. قال: وأما قول من قال: خلقناه وصف للشيء فبعيد، لأن المعنى: إنا خلقناه كلّ شيء بقدر، وهذا القول الثاني أولى بالصواب عندي من الأوّل للعلل التي ذكرت لصاحبها.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) ﴾
يقول تعالى ذكره: وما أمرنا للشيء إذا أمرناه وأردنا أن نكوّنه إلا قولة واحدة: كن فيكون، لا مراجعة فيها ولا مرادّة( كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ) يقول جلّ ثناؤه: فيوجد ما أمرناه وقلنا له: كن كسرعة اللمح بالبصر لا يُبطئ ولا يتأخر، يقول تعالى ذكره لمشركي قريش الذين كذّبوا رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ولقد أهلكنا أشياعكم معشر قريش من الأمم السالفة والقرون الخالية، على مثل الذي أنتم عليه من الكفر بالله، وتكذيب رسله( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من مُتَّعِظ بذلك منزجر ينزجر به.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: أشياعكم من أهل الكفر من الأمم الماضية، يقول: فهل من أحد يتذكر.
وقوله:( وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ) يقول تعالى ذكره: وكل شيء فعله أشياعكم الذين مضوا قبلكم معشر كفَّار قريش في الزُّبر، يعني في الكتب التي كتبتها الحفظة عليهم. وقد يحتمل أن يكون مرادا به في أمّ الكتاب.
كما حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( فِي الزُّبُرِ ) قال: الكُتب.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ) قال: في الكتاب.