وقرأ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) إنما هو مفتعل من سطرت: إذا كتبت سطرا.
وقوله:( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ) يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا عقاب الله بطاعته وأداء فرائضه، واجتناب معاصيه في بساتين يوم القيامة، وأنهار، ووحد النهر في اللفظ ومعناه الجمع، كما وحد الدّبر، ومعناه الإدبار في قوله:( يُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) وقد قيل: إن معنى ذلك: إن المتقين في سعة يوم القيامة وضياء، فوجهوا معنى قوله:( وَنَهَرٍ ) إلى معنى النهار. وزعم الفرّاء انه سمع بعض العرب ينشد:
إنْ تَكُ لَيْلِيًّا فإنيّ نَهِرْ... متى أتى الصُّبْحُ فَلا أنْتَظِر (١)
وقوله "نهر" على هذا التأويل مصدر من قولهم: نهرت أنهر نهرا. وعنى بقوله: "فإني نهر": أي إني لصاحب نهار: أي لست بصاحب ليلة.
وقوله:( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ ) يقول: في مجلس حقّ لا لغو فيه ولا تأثيم( عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) يقول: عند ذي مُلك مقتدر على ما يشاء، وهو الله ذو القوّة المتين، تبارك وتعالى.
آخر تفسير سورة اقتربت الساعة

(١) البيت : من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة ٣١٩ ) عند قوله تعالى :( إن المتقين في جنات ونهر ) قال : في ضياء وسعة وسمعت بعض العرب ينشد :" إن تك ليليا... البيت " أ. هـ. وفي ( اللسان : نهر ) : ورجل نهر : صاحب نهار، على النسب، كما قالوا : عمل وطعم، قال :* لست بليلي ولكني نهر *
قال سيبويه : قوله :" بليلي " يدل أن نهر : على النسب، حتى كأنه قال :" نهاري ". ورجل نهر : أي صاحب نهار، بغير فيه. قال : الأزهري. وسمعت العرب تنشد :" إن تك ليليا... بيت الشاهد ". قال : ومعنى نهر : أي صاحب نهار، لست بصاحب ليل. وهذا الرجز أورده الجوهري :* إن كنت ليليا فإني نهر *
قال ابن بري : البيت مغير. قال : وصوابه :


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
لَسْتُ بلَيْلِيّ وَلكِنِّي نَهِرْ لا أدْلُج اللَّيْلَ وَلَكِنْ أبْتَكِرْ