الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) }
يقول تعالى ذكره: وكانوا يقولون كفرا منهم بالبعث، وإنكارًا لإحياء الله خلقه من بعد مماتهم: أئذا كنا ترابا في قبورنا من بعد مماتنا، وعظاما نخرة، أئنا لمبعوثون منها أحياء كما كنا قبل الممات، أو آباؤنا الأوّلون الذين كانوا قبلنا، وهم الأوّلون، يقول الله لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لهؤلاء إن الأوّلين من آبائكم والآخرين منكم ومن غيركم، لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم، وذلك يوم القيامة.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) ﴾
يقول تعالى ذكره لأصحاب الشمال: ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى، المكذّبون بوعيد الله ووعده، لآكلون من شجر من زقوم.
وقوله:( فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) يقول: فمالئون من الشجر الزَّقوم بطونهم.
واختلف أهل العربية في وجه تأنيث الشجر في قوله:( فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) : أي من الشجر،( فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ ) لأن الشجر تؤنث وتذكر، وأنث لأنه حمله على الشجرة لأن الشجرة قد تدلّ على الجميع، فتقول العرب: نبتت قبلنا شجرة مرّة وبقلة رديئة، وهم يعنون الجميع، وقال بعض نحويي الكوفة( لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ )، وفي قراءة عبد الله( لآكِلُونَ مِنْ شجرة مِنْ زَقُّومٍ ) على واحدة، فمعنى شجر وشجرة واحد، لأنك إذا قلت أخذت من الشاء، فإن نويت واحدة أو أكثرّ من ذلك، فهو جائز، ثم قال( فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) يريد من الشجرة؛ ولو قال: فمالئون منه إذا لم


الصفحة التالية
Icon