قال: ثنا أَبو قطن، قال: ثنا يزيد بن إبراهيم، عن ابن أَبي مليكة، قال: نزلت في شراب.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: كان الذي حرّمه النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على نفسه شيئًا كان الله قد أحله له، وجائز أن يكون ذلك كان جاريته، وجائز أن يكون كان شرابًا من الأشربة، وجائز أن يكون كان غير ذلك، غير أنه أيّ ذلك كان، فإنه كان تحريم شيئ كان له حلالا فعاتبه الله على تحريمه على نفسه ما كان له قد أحله، وبين له تحلة يمينه في يمين كان حلف بها مع تحريمه ما حرّم على نفسه.
فإن قائل قائل: وما برهانك على أنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان حلف مع تحريمه ما حرم، فقد علمت قول من قال: لم يكن من النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في ذلك غير التحريم، وأن التحريم هو اليمين؟ قيل: البرهان على ذلك واضح، وهو أنه لا يعقل في لغة عربية ولا عجمية أن قول القائل لجاريته، أو لطعام أو شراب، هذا عليّ حرام يمين، فإذا كان ذلك غير معقول، فمعلوم أن اليمين غير قول القائل للشيء الحلال له: هو عليّ حرام. وإذا كان ذلك كذلك صحّ ما قلنا، وفسد ما خالفه. وبعد، فجائز أن يكون تحريم النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما حرم على نفسه من الحلال الذي كان الله تعالى ذكره، أحله له بيمين، فيكون قوله:( لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ ) معنا: لم تحلف على الشيء الذي قد أحله الله أن لا تقربه، فتحرّمه على نفسك باليمين.
وإنما قلنا: إن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حرم ذلك، وحلف مع تحريمه، كما حدثني الحسن بن قزعة، قال: ثنا مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن الشعبيّ، عن مسروق، عن عائشة قالت: آلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وحرم، فأُمِر في الإيلاء بكفارة، وقيل له في التحريم( لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ).
وقوله:( وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يقول تعالى ذكره: والله غفور يا محمد