وأما الأحقاب فجمع حُقْب، والحِقَب: جمع حِقْبة، كما قال الشاعر:
عِشْنا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً... مِنَ الدَّهْرِ حتى قيلَ لَن نَتَصَدَّعا (١)
فهذه جمعها حِقَب، ومن الأحقاب التي جمعها حقب (٢) قول الله:( أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ) فهذا واحد الأحقاب.
وقد اختلف أهل التأويل في مبلغ مدة الحُقْب، فقال بعضهم: مدة ثلاث مئة سنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عمران بن موسى القزاز، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا إسحاق بن سُويد، عن بشير بن كعب، في قوله:( لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) قال: بلغني أن الحُقب ثلاث مئة سنة، كلّ سنة ثلاث مئة وستون يوما، كل يوم ألف سنة.
وقال آخرون: بل مدة الحُقْب الواحد: ثمانون سنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: ثني عمار الدُّهْنيّ، عن سالم بن أبي الجعد، قال: قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لهلال الهَجرِيّ: ما تجدون الحُقْب في كتاب الله المنزل؟ قال: نجد ثمانين سنة كل سنة اثنا عشر شهرا، كل شهر ثلاثون يوما، كل يوم ألف سنة.
حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن عاصم بن أبي النَّجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أنه قال: الحُقب: ثمانون سنة، والسنة:

(١) هذا الاحتجاج من أجود ما قيل، ودقته تدل على حسن نظر أبي جعفر فيما يعرض له. وتفسيره كله شاهد على ذلك. رحمة الله عليه.
(٢) غيروه في المطبوعة :"لعباده".


الصفحة التالية
Icon