حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة، قوله:( إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا ) أي: لا يخافون حسابا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا ) قال: لا يؤمنون بالبعث ولا بالحساب، وكيف يرجو الحساب من لا يوقن أنه يحيا، ولا يوقن بالبعث، وقرأ قول الله:( بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأوَّلُونَ قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا... ) إلى قوله:( أساطِيرُ الأوَّلِينَ ). وقرأ( هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ... ) إلى قوله:( جَدِيدٍ ) فقال بعضهم لبعض: ماله( أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ ) الرجل مجنون حين يخبرنا بهذا.
وقوله:( وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ) يقول تعالى ذكره: وكذّب هؤلاء الكفار بحُججِنا وأدلتنا تكذيبا. وقيل:( كِذَّابًا )، ولم يقل تكذيبا تصديرا على فعله.
وكان بعض نحويِّي البصرة يقول: قيل ذلك لأن فعل منه على أربعة فأراد أن يجعله مثل باب أفعلت، ومصدر أفعلت إفعالا فقال: كذّابا، فجعله على عدد مصدره، قال: وعلى هذا القياس تقول: قاتل قتالا قال: وهو من كلام العرب. وقال بعض نحويِّي الكوفة: هذه لغة يمانية فصيحة، يقولون: كذّبت به كذّابا، وخَرَّقت القميص خِرَّاقا، وكلٌّ فَعَّلْت فمصدرها فِعَّال بلغتهم مشدّدة. قال: وقال لي أعرابي مرّة على المروة يستفتيني: ألحلق أحبّ إليك أم القِصَّار؟ قال: وأنشدني بعض بنِي كلاب:
لَقَدْ طالَ ما ثَبَّطَتْنِي عَنْ صَحَابَتِي... وَعَنْ حِوَجٍ قِضَّاؤُها مِنْ شِفائِيَا (١)
وأجمعت القرّاء على تشديد الذال من الكِذّاب في هذا الموضع. وكان الكسائي

(١) في المطبوعة :"ما يرى"، والصواب من المخطوطة وابن كثير ١ : ٤٢.


الصفحة التالية
Icon