واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات، فقال بعضهم: هي الموت تسبح في نفس ابن آدم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد( وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ) قال: الموت، هكذا وجدته في كتابي (١).
وقد حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد( وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ) قال: الملائكة، وهكذا وجدت هذا أيضا في كتابي، فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحا، فإن مجاهدا كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سبَّاحة، كما يقال للفرس الجواد: إنه لسابح إذا مرّ يُسرعُ.
وقال آخرون: هي النجوم تَسْبَح في فلكها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ) قال: هِي النجوم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
وقال آخرون: هي السفن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء( وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ) قال: السفن.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سبحا من خلقه، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض، فذلك (٢) كل سابح، لما وصفنا قبل في النازعات (٣).
وقوله:( فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا ) اختلف أهل التأويل فيها، فقال بعضهم: هي الملائكة.

(١) رواية الجاحظ :"فقال السائلون : من المسجى". وفي المعاني "السائرون".
(٢) يأتي في تفسير آيات سورة البقرة : ٧ / وسورة آل عمران : ٤٩ / وسورة المائدة : ٥٣ / وسورة الأنعام : ٩٩ / وسورة الأنفال : ١٤ / وسورة يونس : ٧١ / وسورة الرحمن : ٢٢. وهو بيت مستشهد به في كل كتاب.
(٣) في المطبوعة :"في تنزيل قول الله".


الصفحة التالية
Icon