أصلحت بينهم، ومنه قول الشاعر:
ومَا أدَعُ السِّفارَةَ بَين قَوْمي... ومَا أمْشِي بغِشّ إنْ مَشِيتُ (١)
وإذا وُجِّه التأويل إلى ما قلنا، احتمل الوجه الذي قاله القائلون: هم الكَتَبة، والذي قاله القائلون: هم القرّاء لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب، وتَسْفِر بين الله وبين رسله.
وقوله:( كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) والبَررَة: جمع بارّ، كما الكفرة جمع كافر، والسحرة جمع ساحر، غير أن المعروف من كلام العرب إذا نطقوا بواحدة أن يقولوا: رجل بر، وامرأة برّة، وإذا جمعوا ردّوه إلى جمع فاعل، كما قالوا: رجل سري، ثم قالوا في جمعه: قوم سراة وكان القياس في واحده أن يكون ساريا، وقد حُكي سماعا من بعض العرب: قوم خِيَرَة بَرَرَة، وواحد الخيرة: خير، والبَررَة: برّ.
وقوله:( قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ) يقول تعالى ذكره: لعن الإنسان الكافر ما أكفره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال مجاهد.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحِماني، عن الأعمش، عن مجاهد قال: ما كان في القرآن قُتِلَ الإنسانُ أو فُعل بالإنسان، فإنما عنِي به: الكافر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان( قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ) بلغني أنه: الكافر.
وفي قوله:( أكْفَرَهُ ) وجهان: أحدهما: التعجب من كفره مع إحسان الله إليه، وأياديه عنده. والآخر: ما الذي أكفره، أي: أيّ شيء أكفره.