ومنه قول زُهير بن أبي سلمى:
فَلَمَّا ورَدْنَ المَاءَ زُرْقًا جِمامُهُ... وَضَعْنَ عِصِيَّ الْحاضِرِ المُتَخَيَّمِ (١)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله:( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) يقول: شديدا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) فيحبون كثرة المال.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( حُبًّا جَمًّا ) قال: الجمّ: الكثير.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) : أي حبا شديدا.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( حُبًّا جَمًّا ) : يحبون كثرة المال.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) قال: الجمّ: الشديد.
ويعني جلّ ثناؤه بقوله:( كَلا ) : ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر. ثم أخبر جلّ ثناؤه عن ندمهم على أفعالهم السِّيئة في الدنيا، وتلهُّفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم الندم، فقالّ جل ثناؤه:( إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا ) يعني: إذا رجت وزُلزلت زلزلة، وحرّكت تحريكا بعد تحريك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

(١) ديوان الأعشين : ٣٢٣، والأغاني ٦ : ٤٦، ٦١. وأعشى همدان هو عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني أبو مصبح، كان أحد الفقهاء القراء، ثم ترك ذلك وقال الشعر. يمدح عبد الحمن بن الأشعث بن قيس الكندي، وكان خرج على الحجاج، فخرج معه الفقهاء والقراء، فلما أسر الحجاج الأعشى، قال له : ألست القائل : وأنشده البيت - والله لا تبخبخ بعدها أبدًا! وقتله. الأشج : هو الأشعث والد عبد الحمن، وقيس جده. وبخ بخ : كلمة للتعظيم والتفخيم. وهذا البيت والذي سبقه شاهدان على صحة تكرار "بين"، مع غير الضمير المتصل، ومثلهما كثير. وأهل عصرنا يخطئون من يقوله، وهم في شرك الخطأ.


الصفحة التالية
Icon