وقول الراجز:
يا حَبَّذَا القَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاجْ
وطُرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النَّسَّاجْ (١)
وقوله:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) وهذا جواب القسم، ومعناه: ما تركك يا محمد ربك وما أبغضك. وقيل:( وَمَا قَلَى ) ومعناه. وما قلاك، اكتفاء بفهم السامع لمعناه، إذ كان قد تقدّم ذلك قوله:( مَا وَدَّعَكَ ) فعرف بذلك أن المخاطب به نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) يقول: ما تركك ربك، وما أبغضك.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) قال: ما قلاك ربك وما أبغضك؛ قال: والقالي: المبغِض.
وذُكر أن هذه السورة نزلت على رسول الله ﷺ تكذيبا من الله قريشا في قيلهم لرسول الله، لما أبطأ عليه الوحي: قد ودّع محمدًا ربه وقلاه.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثني عليّ بن عبد الله الدهان، قال: ثنا مفضل بن صالح، عن الأسود بن قيس العبديّ، عن ابن عبد الله، قال: لما أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأة من أهله، أو من قومه: ودّع الشيطان محمدا، فأنزل الله عليه:( وَالضُّحَى )... إلى قوله:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ).
قال أبو جعفر: ابن عبد الله: هو جندب بن عبد الله البجلي.
حدثني محمد بن عيسى الدامغاني، ومحمد بن هارون القطان، قالا ثنا

(١) البيت ليس في ديوانه. ومن القصيدة أبيات فيه : ٢٣، (مطبوعة محمد جمال)، والمجتنى لابن دريد : ٢٣، يصف فرسًا. والعير : حمار الوحش. والحضر : العدو الشديد، وحمار الوحش شديد العدو. والونى : التعب والفترة في العدو أو العمل. والأشعب : الظبي تفرق قرناه فانشعبا وتباينا بينونة شديدة. ونبح الكلب والظبي والتيس ينبح نباحًا، فهو نباح، إذا كثر صياحه، من المرح والنشاط. والظبي إذا أسن ونبتت لقرونه شعب، نبح (الحيوان ١ : ٣٤٩). يصف فرسه بشدة العدو، يلحق العير المدل بحضره، والظبي المستحكم السريع، فيصيدها قبل أن يناله تعب.


الصفحة التالية
Icon