الكلام، قيل: شديد، وحذف من آخره، لما جرى ذكره في أوله ولرءوس الآيات، قال: ومثله في سورة إبراهيم:( كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ) والعصوف لا يكون لليوم، إنما يكون للريح; فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم طرحت من آخره، كأنه قال: في يوم عاصف الريح، والله أعلم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) قال: الخير: الدنيا; وقرأ:( إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ ) قال: فقلت له:( إن ترك خيرا ): المال؟ قال: نعم، وأي شيء هو إلا المال؟ قال: وعسى أن يكون حراما، ولكن الناس يعدونه خيرا، فسماه الله خيرا، لأن الناس يسمونه خيرا في الدنيا، وعسى أن يكون خبيثا، وسمي القتال في سبيل الله سوءا، وقرأ قول الله:( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ) قال: لم يمسسهم قتال; قال: وليس هو عند الله بسوء، ولكن يسمونه سوءا.
وتأويل الكلام: إن الإنسان لربه لكنود، وإنه لحب الخير لشديد، وإن الله على ذلك من أمره لشاهد. ولكن قوله:( وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ) قدم، ومعناه التأخير، فجعل معترضا بين قوله:( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ )، وبين قوله:( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سعيد، عن قتادة( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ) قال: هذا في مقاديم الكلام، قال: يقول: إن الله لشهيد أن الإنسان لحب الخير لشديد.
وقوله:( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ )
يقول: أفلا يعلم هذا الإنسان الذي هذه صفته، إذا أثير ما في القبور، وأخرج ما فيها من الموتى وبحث.
وذكر أنها في مصحف عبد الله: "إذا بحث ما في القبور"، وكذلك تأول ذلك أهل التأويل.