( وَخَسَفَ الْقَمَرُ ) هو ضوءه، يقول: ذهب ضوءه.
وقوله:( وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) يقول تعالى ذكره: وجمع بين الشمس والقمر في ذهاب الضوء، فلا ضوء لواحد منهما، وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر لي( وجُمِعَ بَين الشَّمْس والقَمَرِ ) وقيل: إنهما يجمعان ثم يكوّران، كما قال جلّ ثناؤه:( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) وإنما قيل:( وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) لما ذكرت من أن معناه جمع بينهما. وكان بعض نحويِّي الكوفة يقول: إنما قيل: وجمع على مذهب وجمع النوران، كأنه قيل: وجمع الضياءان، وهذا قول الكسائي.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد( وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) قال: كوّرا يوم القيامة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) قال: جُمعا فرُمي بهما في الأرض.
وقوله:( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) قال: كوّرت في الأرض والقمر معها.
قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن أبي شيبة الكوفيّ، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أنه تلا هذه الآية يوما:( وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) قال: يجمعان يوم القيامة، ثم يقذفان في البحر، فيكون نار الله الكبرى.
وقوله:( يَقُولُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ) بفتح الفاء، قرأ ذلك قرّاء الأمصار، لأن العين في الفعل منه مكسورة، وإذا كانت العين من يفعل مكسورة، فإن العرب تفتحها في المصدر منه إذا نطقت به على مَفعَل، فتقول: فرّ يفرّ مفرّا، يعني فرًّا، كما قال الشاعر:
يا لَبَكْرٍ انْشِرُوا لي كُلَيْبا... يا لَبَكْرٍ أيْنَ أيْنَ الْفِرَارُ (١)

(١) قوله :"يوضح" ساقطة من المطبوعة. وفيها مكان :"أول كل... "، "في كل.. ".


الصفحة التالية
Icon