فكان بعض نحويي البصرة يقول: الجالب لها قوله:( فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) فهي في قول هذا القائل صلة لقوله جعلهم، فالواجب على هذا القول، أن يكون معنى الكلام: ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل، نعمة منا على أهل هذا البيت، وإحسانا منا إليهم، إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف، فتكون اللام في قوله( لإيلافِ ) بمعنى إلى، كأنه قيل: نعمة لنعمة وإلى نعمة، لأن إلى موضع اللام، واللام موضع إلى.
وقد قال معنى هذا القول بعض أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:( إيلافِهِم رِحْلَة الشتاءِ والصَّيْف ) قال: إيلافهم ذلك فلا يشقّ عليهم رحلة شتاء ولا صيف.
حدثني إسماعيل بن موسى السديِّ، قال: أخبرنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد( لإيلافِ قُريْشٍ ) قال: نعمتي على قريش.
حدثني محمد بن عبد الله الهلالي، قال: ثنا فروة بن أبي المَغْراء الكندي، قال: ثنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، مثله.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، قال: ثنا خطاب ابن جعفر بن أبي المغيرة قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في قوله:( لإيلافِ قُريْشٍ ) قال: نعمتي على قريش.
وكان بعض نحويي الكوفة يقول: قد قيل هذا القول، ويقال: إنه تبارك وتعالى عجَّب نبيه ﷺ فقال: اعجب يا محمد لِنعَم الله على قريش، في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. ثم قال: فلا يتشاغلوا بذلك عن الإيمان واتباعك يستدل بقوله:( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ).
وكان بعض أهل التأويل يوجِّه تأويل قوله:(لإيلافِ قُريْشٍ ) إلى أُلفة بعضهم بعضا.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله:( لإيلافِ قُريْشٍ ) فقرأ: ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) إلى آخر السورة،