وإنما عُني بقوله:( يَتَمَطَّى ) يلوي مطاه تبخترا، والمطا: هو الظهر، ومنه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذَا مَشَتْ أُمَّتِي المُطَيطَاءَ " وذلك أن يلقي الرجل بيديه ويتكفأ.
وقوله( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) هذا وعيد من الله على وعيد لأبي جهل.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) وعيد على وعيد، كما تسمعون، زعم أن هذا أنزل في عدوّ الله أبي جهل. ذُكر لنا أن نبيّ الله ﷺ أخذ بمجامع ثيابه فقال:( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) فقال عدوّ الله أبو جهل: أيوعدني محمد؟ والله ما تستطيع لي أنت ولا ربك شيئا، والله لأنا أعزّ من مشى بين جبليها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: أخذ النبيّ ﷺ بيده، يعني بيد أبي جهل، فقال:( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) فقال: يا محمد، ما تستطيع أنت وربك فيّ شيئا، إني لأعزّ من مشى بين جبليها، فلما كان يوم بدر أشرف عليهم فقال: لا يُعبد الله بعد هذا اليوم، وضرب الله عنقه، وقتله شرّ قِتلة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) قال: قال أبو جهل: إن محمدا ليوعدني، وأنا أعزّ أهل مكة والبطحاء، وقرأ:( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ).
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، قال: قلت لسعيد بن جُبير: أشيء قاله رسول الله ﷺ من قِبَل نفسه، أم أمر أمره الله به ؟ قال: بل قاله من قِبَل نفسه، ثم أنزل الله:( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ).
وقوله:( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) يقول تعالى ذكره: أيظنّ هذا الإنسان الكافر بالله أن يترك هملا أن لا يؤمر ولا ينهى، ولا يتعبد بعبادة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


الصفحة التالية
Icon