يقال منه: مشجت هذا بهذا: إذا خلطته به، وهو ممشوج به ومشيج: أي مخلوط به، كما قال أبو ذؤيب:
كأنَّ الرّيشَ والفُوقَيْن مِنْه... خِلالَ النَّصْل سِيطَ بِهِ مَشِيجُ (١)
واختلف أهل التأويل في معنى الأمشاج الذي عني بها في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب وأبو هشام الرفاعي قالا ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن عكرِمة( أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ ) قال: ماء الرجل وماء المرأة يمشج أحدهما بالآخر.
حدثنا أبو هشام، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن عكرِمة قال: ماء الرجل وماء المرأة يختلطان.
قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا زكريا، عن عطية، عن ابن عباس، قال: ماء المرأة وماء الرجل يمشجان.
قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن السديّ، عمن حدّثه، عن ابن عباس، قال: ماء المرأة وماء الرجل يختلطان.
قال: ثنا عبد الله، قال: أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فهو أمشاج.
قال: ثنا أبو أُسامة، قال: ثنا المبارك، عن الحسن، قال: مُشج ماء المرأة مع ماء الرجل.

(١) الحديث ١٤٠- هذا حديث موضوع، لا أصل له. وهو أطول من هذا، وسيأتي بعضه برقمي ١٤٥، ١٤٧، فصل الطبري كل قسم منه في موضعه، وفيه زيادة أخرى، في تفسير كلمات "أبجد هوز". إلخ. رواه بطوله ابن حبان الحافظ، في كتاب المجروحين، في ترجمة إسماعيل بن يحيى بن عبد الله التيمي، رقم : ٤٤ ص٨٥، وقال في إسماعيل هذا :"كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، وما لا أصل له عن الأثبات، لا تحل الرواية عنه، ولا الاحتجاج به بحال". ثم ضرب مثلا من أكاذيبه، فروى الحديث بطوله، عن محمد بن يحيى بن رزين العطار عن إبراهيم بن العلاء بن الضحاك، بالإسناد الثاني الذي هنا، من حديث أبي سعيد الخدري. وذكره ابن كثير في التفسير ١ : ٣٥ نقلا عن ابن مردويه، من حديث أبي سعيد وحده، جمع فيه الأقسام الثلاثة التي فرقت هنا. ثم أشار إلى رواية الطبري إياه. ثم قال :"وهذا غريب جدا، وقد يكون صحيحًا إلى من دون رسول الله ﷺ، وقد يكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات"! وما أدري كيف فات الحافظ ابن كثير أن في إسناده هذا الكذاب، فتسقط روايته بمرة، ولا يحتاج إلى هذا التردد. وأما السيوطي، فقد ذكره في الدر المنثور ١ : ٨، ونسبه لابن جرير وابن عدي في الكامل وابن مردويه وأبي نعيم في الحلية وابن عساكر في تاريخ دمشق والثعلبي، ولم يغفل عن علته؛ فذكر أنه "بسند ضعيف جدا". وترجم الذهبي في الميزان ١ : ١١٧، وتبعه ابن حجر في لسان الميزان ١ : ٤٤١- ٤٤٢ لإسماعيل بن يحيى هذا، وفي ترجمته :"قال صالح بن محمد جزرة : كان يضع الحديث. وقال الأزدي : ركن من أركان الكذب، لا تحل الرواية عنه... وقال أبو علي النيسابوري الحافظ والدارقطني والحاكم : كذاب". وقال ابن حجر :"مجمع على تركه". وذكر هو والذهبي هذا الحديث مثالا من أكاذيبه.
ثم إن إسناده الأول، الذي رواه إسماعيل بن يحيى عن أبي مليكة، فيه أيضًا راو مجهول، وهو "من حدثه عن ابن مسعود". وإسناده الثاني، الذي رواه إسماعيل هذا عن مسعر بن كدام، فيه أيضًا "عطية بن سعد بن جنادة العوفي"، وهو ضعيف، ضعفه أحمد وأبو حاتم وغيرهما.
والزيادة بين قوسين، في لقب إبراهيم بن العلاء من المخطوطة. و "زبريق" : بكسر الزاي والراء بينهما ياء موحدة ساكنة. وهو لقب إبراهيم، فيما قيل. والصحيح أنه لقب أبيه، فقد قال البخاري في ترجمته في الكبير ١ / ١ / ٣٠٧ :"زعم إبراهيم أن أباه كان يدعى زبريق". وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١ / ١ / ١٢١ :"إبراهيم بن العلاء... يعرف بابن الزبريق".


الصفحة التالية
Icon