المقدس، ستة عشر شَهرًا، ثم وجَّهه اللهُ بعد ذلك إلى الكعبة البيتِ الحرام. فقال في ذلك قائلون من الناس:"ما ولاهمْ عَنْ قبلتهم التي كانوا عليها"؟ لقد اشتاق الرَّجُل إلى مَوْلده! فقال الله عز وجل:"قلْ لله المشرقُ والمغربُ يهدي مَنْ يَشاءُ إلى صراط مُستقيم".
* * *
وقيل: قائل هذه المقالة المنافقون. وإنما قالوا ذلك استهزاءً بالإسلام.
* ذكر من قال ذلك:
٢١٦٤- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي، قال: لما وُجِّه النبيُّ ﷺ قبَلَ المسجد الحرام، اختلفَ الناس فيها فكانوا أصنافًا. فقال المنافقون: ما بالُهم كانوا على قبلة زمانًا، ثم تركوها وتوجَّهوا إلى غيرها؟ فأنزل الله في المنافقين:"سَيقول السفهاءُ من الناس"، الآية كلها.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك عز وجل: قُلْ يا محمد -لهؤلاء الذين قالوا لك ولأصحابك: ما ولاكم عن قبلتكم من بيت المقدس، التي كنتم على التوجُّه إليها، إلى التوجُّه إلى شطر المسجد الحرام؟-: لله مُلك المشرق والمغرب = يعني بذلك: ملكُ ما بين قُطرَيْ مشرق الشمس، وقُطرَيْ مغربها، وما بينهما من العالم (١) = يَهدي من يشاء من خلقه، (٢) فيُسدده، ويوفِّقه إلى الطريق القويم، وهو"الصراط

(١) انظر تفسير"المشرق والمغرب" فيما سلف ٢ : ٥٢٦-٥٣٠.
(٢) انظر تفسير"هدى" فيما سلف١ : ١٦٦- ١٦٩، وفي فهرس اللغة في الجزء الأول والثاني.


الصفحة التالية
Icon