"البأساء والضراء"، مصدر جاء على"فعلاء" ليس له"أفعل" لأنه اسم، كما قد جاء"أفعل" في الأسماء ليس له"فعلاء"، نحو"أحمد". وقد قالوا في الصفة"أفعل"، ولم يجيء له"فعلاء"، فقالوا:"أنت من ذلك أوْجل"، ولم يقولوا:"وجلاء".
وقال بعضهم: هو اسم للفعل. فإن"البأساء"، البؤس،"والضراء" الضر. وهو اسم يقع إن شئت لمؤنث، وإن شئت لمذكر، كما قال زهير:
فَتُنْتَجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ، كُلُّهُمْ... كَأَحْمَرِ عَادٍ، ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ (١)
يعني فتنتج لكم غلمان شؤم.
وقال بعضهم: لو كان ذلك اسمًا يجوز صرفه إلى مذكر ومؤنث، لجازَ إجراء"أفعل" في النكرة، ولكنه اسم قام مقام المصدر. والدليل على ذلك قوله:"لئن طَلبت نُصرتهم لتجدنَّهم غير أبعدَ"، (٢) بغير إجراء. وقال: إنما كان اسما للمصدر، لأنه إذا ذُكر علم أنه يُراد به المصدر.
وقال غيره: لو كان ذلك مصدرًا فوقع بتأنيث، لم يقع بتذكير، ولو وَقَع
وَمَا الحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ | وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالحَدِيث المُرَجَّمِ |
مَتَى تَبْعَثُوهَا، تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً، | وتَضْرَ، إذا ضَرَّيْتُمُوهَا فَتَضْرَمِ |
فَتَعْرُكَكُم عَرْكَ الرَّحَا بِثِفَالِهَا | وَتلْقَحْ كِشافًا، ثم تُنْتَجْ فَتُتْئِمِ |
(٢) يقال"فلان غير أبعد"، أي لا خير فيه. ويقال :"ما عند فلان أبعد" أي لا طائل عنده. قال رجل لابنه :"إن غدوت على المربد ربحت عنا، أو رجعت بغير أبعد"، أي بغير منفعة.