لقد صمنا! قال: فأطقتموه! قالوا: نعم. قال: فاقضوه، فاقضوه. (١)
* * *
وعلة مَنْ قال هذه المقالة: أن الله تعالى ذكره فرَضَ بقوله:"فمن شهد منكم الشهر فليصمه" صومَ شهر رمضان على من شهده مُقيمًا غير مسافر، وجعل على من كان مريضًا أو مسافرًا صومَ عدة من أيام أخر غير أيام شهر رمضان بقوله:"ومَنْ كان مريضًا أو على سَفر فعدة من أيام أخر". قالوا: فكما غيرُ جائز للمقيم إفطارُ أيام شهر رمضان وَصَوم عدة أيام أخر مكانها -لأن الذي فرضَه الله عليه بشهوده الشهرَ صومُ الشهر دون غيره- فكذلك غير جائز لمن لم يشهده من المسافرين مقيمًا، صوْمُه. لأن الذي فرضه الله عليه عدة من أيام أخر. واعتلوا أيضًا من الخبر بما:-
٢٨٦٧- حدثنا به محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي قال، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال، حدثنا عبد الله بن موسى، عن أسامة بن زيد، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عوف قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الصائم في السفر كالمفطر في الحضر." (٢)
٢٨٦٨- حدثني محمد بن عبيد الله بن سعيد قال، حدثنا يزيد بن عياض،
(٢) الحديث : ٢٨٦٧- محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي - شيخ الطبري : لم أجد له ترجمة. وسيأتي بهذا الاسم أيضًا في : ٢٨٨٨. ولكن سيأتي في الإسناد الذي عقب هذا باسم"محمد بن عبيد الله بن سعيد" - بجعل أبيه"عبيد الله" بدل"عبد الله". وأنا أرجح الذي في إسنادين على الذي في إسناد واحد، ترجيحًا بدائيًا غير محقق.
يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري : مختلف فيه، والظاهر أنه ثقة، وإنما أخذوا عليه الرواية عن رجال مجهولين غير معروفي العدالة - مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/٣٩٨، وابن أبي حاتم ٤/٢/٢١٤-٢١٥، وتاريخ بغداد ١٤ : ٢٦٩-٢٧١.
عبد الله بن موسى بن إبراهيم - من ولد طلحة بن عبيد الله التيمي : مختلف فيه. وضعف أحمد جدًا. وقال ابن حبان :"يرفع الموقوف، ويسند المرسل، لا يجوز الاحتجاج به". ووقع في المطبوعة هنا"عبيد الله بن موسى". وهو خطأ، فإن الحديث معروف من رواية"عبد الله بن موسى التيمي". ثم هو الذي يروي عن أسامة بن زيد.
أسامة بن زيد : هو الليثي المدني، مختلف فيه. وقد رجحنا توثيقه في شرح المسند : ١٠٩٨.
وهذا الحديث رواه ابن ماجه : ١٦٦٦، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد الله بن موسى التيمي بهذا الإسناد.
وقد أطال الحافظ الزيلعي في نصب الرواية ٢ : ٤٦١-٤٦٣ في تخريج رواياته. ورجح أنه موقوف من كلام عبد الرحمن بن عوف، إلى انقطاع إسناده بين أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبيه. فقد رجح الحافظ أنه لم يسمع من أبيه شيئا. وقد رجحنا في شرح المسند : ١٦٦٠ أنه سمع ذاك الحديث من أبيه - وكان صغيرًا حين مات عبد الرحمن. وليس معنى هذا أنه سمع منه كل ما يرويه عنه.
وذكر ابن أبي حاتم في كتاب العلل، رقم ٦٩٤، أنه سأل أباه عن هذا الحديث، فقال أبو زرعة :"رواه أبو أحمد الزبيري، ومعن بن عيسى، وحماد بن خالد الخياط، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبيه، قوله. ورواه عنبسة بن خالد، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبيه، عن النبي ﷺ. ورواه ابن لهيهة، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي ﷺ. ورواه بقية، عن آخر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ. وقال أبو زرعة : الصحيح عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبيه. موقوف".
ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص، ص : ١٩٥ أن الدارقطني في العلل والبيهقي، صححا أيضًا أنه موقوف. وانظر السنن الكبرى للبيهقي ٤ : ٢٤٤، وتعقيب ابن التركماني عليه. والرواية الموقوفة على عبد الرحمن بن عوف رواها النسائي ١ : ٣١٦، بثلاثة أسانيد. هذا وسيأتي قول الطبري في ص : ٤٧٤ عن هذا الخبر والذي يليه وأشباههما، أنها :"واهية الأسانيد، لا يجوز الاحتجاج بها في الدين".