فإن قال قائل: وهل يجوز الاعتداء على الظالم فيقال:"فَلا عُدوان إلا على الظالمين"؟ (١).
قيل: إن المعنى في ذلك على غير الوجه الذي إليه ذهبتَ، وإنما ذلك على وَجه المجازاة، لما كان من المشركين من الاعتداء، يقول: افعلوا بهم مثل الذي فعلوا بكم، كما يقال:"إن تَعاطيتَ منّي ظلما تعاطيته منك"، والثاني ليس بظلم، كما قال عمرو بن شأس الأسديّ:
جَزَيْنَا ذَوِى العُدْوَانِ بِالأمْسِ قَرْضَهُمْ... قِصَاصًا، سَواءً حَذْوَكَ النَّعْلَ بِالنَّعْلِ (٢)
وإنما كان ذلك نظير قوله:( اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ) [سورة البقرة: ١٥] و( فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ) [سورة التوبة: ٧٩] وقد بينا وجه ذلك ونظائره فيما مَضى قبلُ (٣).
* * *
وبالذي قلنا في ذلك من التأويل قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٣١٢٤ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فلا عُدوان إلا على الظالمين" والظالم الذي أبى أن يقول:"لا إله إلا الله".
٣١٢٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع."فلا عُدوان إلا على الظالمين" قال: هم المشركون.
٣١٢٦ - حدثني المثنى، قال، ثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا عثمان بن غياث، قال، سمعت عكرمة في هذه الآية:"فلا عدوان إلا على الظالمين"،

(١) انظر معنى"العدوان" فيما سلف ٢ : ٣٠٧، وهذا الجزء ٣ : ٣٧٦، ٥٦٤.
(٢) لم أجد البيت، وشعر عمرو بن شأس على كثرته وجودته، قد ضاع أكثره.
(٣) انظر ما سلف ١ : ٣٠١-٣٠٦.


الصفحة التالية
Icon