٣٢٣٨ - حدثني بذلك يونس، قال: أخبرنا ابن وهب عنه= قال: وسئل مالك عمن أحصر بعدو وحيل بينه وبين البيت؟ فقال: يَحلّ من كل شيء، ويَنْحر هَدْيه، ويحلق رأسه حيث يحبس، وليس عليه قضاء، (١) إلا أن يكون لم يحج قَط، فعليه أن يحج حجة الإسلام.
قال: والأمر عندنا فيمن أحصِر بغير عدو بمرض أو ما أشبهه، أنْ يتداوَى بما لا بد منه، ويَفتدي، (٢) ثم يجعلها عُمرة، ويحج عامًا قابلا ويُهدِي.
* * *
قال أبو جعفر: وعلة من قال هذه المقالة - أعني: من قال قولَ مالك - أنّ هذه الآية نزلت في حصر المشركين رسول الله ﷺ وأصحابه عن البيت، فأمر الله نبيّه ومن معه بنحْر هَداياهم والإحلال.
قالوا: فإنما أنزل الله هذه الآية في حَصْر العدو، فلا يجوز أن يصرف حكمها إلى غير المعنى الذي نزلتْ فيه.
قالوا: وأما المريض، فإنه إذا لم يُطِق لمرضه السَّير حتى فاتته عرفة، فإنما هو رجلٌ فاته الحج، عليه الخروج من إحرامه بما يخرُج به من فَاته الحج - وليس من معنى" المحصر" الذي نزلت هذه الآية في شأنه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في قوله:" فإذا أحصرتم"، تأويل من تأوله بمعنى: فإن أحْصَرَكم خوفُ عَدٍّو أو مرضٌ أو علةٌ عن الوصول إلى البيت أي: صيَّركم خوفكم أو مرضكم تَحصُرون أنفسكم، فتحبسونها عن النفوذ لما أوجبتُموه على أنفسكم من عمل الحج والعمرة. فلذا قيل:" أحصرتم"، لمَّا أسقط ذكِر الخوف والمرض. يقال منه:" أحصرني خوفي من فلان عن لقائك،

(١) إلى هنا نص ما في الموطأ : ٣٦٠، وما بعده زيادة ليست هناك. وسيأتي في آخر رقم : ٣٢٨٨.
(٢) في المطبوعة :"أن يبدأ بما لا بد منه" والصواب ما أثبته، عن الموطأ : ٣٦٢، فراجعه هناك. وانظر أيضًا ما سيأتي رقم : ٣٢٨٩.


الصفحة التالية
Icon