مَعَكُمْ ) [محمد: ٣٥] وإنما أباحَ له ﷺ في بعض الأحوال إذا دعَوه إلى الصلح ابتداءَ المصالحة، فقال له جل ثناؤه:( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ) [الأنفال: ٦١] فأما دعاؤهم إلى الصُّلح ابتداءً، فغير موجود في القرآن، فيجوزُ توجيه قوله:" ادخلوا في السلم" إلى ذلك.
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فأيّ هذين الفريقين دعى إلى الإسلام كافة ؟
قيل قد اختلف في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: دعى إليه المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به.
* * *
وقال آخرون: قيل: دُعي إليه المؤمنون بمن قبل محمد ﷺ من الأنبياء المكذبون بمحمد.
* * *
فإن قال: فما وجه دعاء المؤمن بمحمد وبما جاء به إلى الإسلام ؟
قيل: وجه دُعائه إلى ذلك الأمرُ له بالعمل بجميع شرائعه، وإقامة جميع أحكامه وحدوده، دون تضييع بعضه والعمل ببعضه. وإذا كان ذلك معناه، كان قوله" كافة" من صفة"السلم"، ويكون تأويله: ادخلوا في العمل بجميع معاني السلم، ولا تضيعوا شيئًا منه يا أهل الإيمان بمحمد وما جاء به.
وبنحو هذا المعنى كان يقول عكرمة في تأويل ذلك.
٤٠١٦ - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قوله:" ادخلوا في السلم كافة"، قال: نزلت في ثعلبة، وعبد الله بن سلام وابن يامين وأسد وأسَيْد ابني كعب وسَعْيَة بن عمرو (١)

(١) في المطبوعة :"شعبة" وفي الدر المنثور :"سعيد" والذي في أسماء يهود :"سعية" و"سعنة" وأكثر هذه الأسماء من أسماء يهود مما يصعب تحقيقها ويطول، لكثرة الاختلاف فيها.


الصفحة التالية
Icon