و"الخير" الذي قال جل ثناؤه في قوله:" قل ما أنفقتم من خير"، هو المال الذي سأل رسولَ الله ﷺ أصحابُه من النفقة منه، فأجابهم الله عنه بما أجابهم به في هذه الآية.
* * *
وفي قوله:"ماذا"، وجهان من الإعراب.
أحدهما: أن يكون"ماذا" بمعنى: أيّ شيء ؟، فيكون نصبًا بقوله:"ينفقون".
فيكون معنى الكلام حينئذ: يسألونك أيَّ شيء ينفقون؟، ولا يُنصَب بـ "يسألونك". والآخر منهما الرفع. وللرفع في"ذلك" وجهان: أحدهما أن يكون"ذا" الذي مع"ما" بمعنى"الذي"، فيرفع"ما" ب"ذا" و"ذا" لِ"ما"، و"ينفقون" من صلة"ذا"، فإن العرب قد تصل"ذا" و"هذا"، كما قال الشاعر: (١)
عَدَسْ! مَا لِعَبَّادٍ عَلَيْكِ إمَارَةٌ... أمنْتِ وهذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ! (٢)
فـ "تحملين" من صلة"هذا".
فيكون تأويل الكلام حينئذ: يسألونك ما الذي ينفقون؟
والآخر من وجهي الرفع أن تكون"ماذا" بمعنى أيّ شيء، فيرفع"ماذا"،
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ١٧٨ والأغاني ١٧ : ٦٠ (ساسي) ومعاني القرآن للفراء ١ : ١٣٨ والخزانة : ٢ : ٢١٦، ٥١٤ واللسان (عدس) من أبيات في قصة يزيد بن مفرغ مع عباد بن زياد بن أبي سفيان، وكان معاوية ولاه سجستان فاستصحب معه يزيد بن مفرغ فاشتغل عنه بحرب الترك. فغاظ ذلك ابن مفرغ واستبطأ جائزته، فبسط لسانه في لحية عباد وكان عباد عظيم اللحية فقال :
ألاَ لَيْتَ اللِّحَى كانت حشيشًا | فنَعْلِفَها خيولَ المسلمينَا |
وقوله :"عدس" زجر للبغلة، حتى صارت كل بغلة تسمى"عدس". والشعر شعر جيد فاقرأه في المراجع السالفة.