ولما اختلف في الجذع من الضأن والثني من المعِز، كان مجزئًا ذلك عن مهديه لظاهر التنزيل، لأنه مما استيسر من الهدي.
* * *
فإن قال قائل: فما محل" ما" التي في قوله جل وعز:" فما استيسر من الهدي"؟ قيل: رفع.
فإن قال: بماذا؟
قيل: بمتروك. وذلك" فعليه" لأن تأويل الكلام: وأتموا الحج والعمرة أيها المؤمنون لله، فإن حبسكم عن إتمام ذلك حابس من مرض أو كسر أو خوف عدو فعليكم - لإحلالكم، إن أردتم الإحلال من إحرامكم - ما استيسر من الهدي.
وإنما اخترنا الرفع في ذلك، لأن أكثر القرآن جاء برفع نظائره، وذلك كقوله:( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ ) وكقوله:( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ) و ما أشبه ذلك مما يطول بإحصائه الكتاب، تركنا ذكره استغناء بما ذكرنا عنه.
ولو قيل موضع" ما" نصب، بمعنى: فإن أحصرتم فأهدوا ما استيسر من الهدي، لكان غير مخطئ قائله. (١)
* * *
وأما" الهدي"، فإنه جمع، وأحدها"هديّه"، على تقدير" جديّه السرج" والجمع" الجَدْي" مخفف. (٢)
٣٢٨٥ - حدثت عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، عن يونس، قال: كان أبو عمرو بن العلاء يقول: لا أعلم في الكلام حرفا يشبهه. (٣)
* * *

(١) انظر معاني القرآن للفراء ١ : ١١٨.
(٢) "هدية" و"جدية" بتشديد الياء، وقد ضبطها ناشر مجاز القرآن لأبي عبيدة بفتح فسكون، وهو خطأ والجدية : قطعة من الكساء محشوة تكون تحت دفتي السرج وظلفة الرحل، وهما جديتان.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٦٩.


الصفحة التالية
Icon