قال أبو جعفر: والذي هو أولى بظاهر التنزيل ما قاله عروة وقتادة ومن قال مثل قولهما من أن الآية إنما هي دليل على عدد الطلاق الذي يكون به التحريم، وبُطولُ الرجعة فيه، والذي يكون فيه الرجعة منه. وذلك أن الله تعالى ذكره قال في الآية التي تتلوها:( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ )، فعرَّف عباده القدرَ الذي به تحرُم المرأة على زوجها إلا بعد زوجٍ- ولم يبين فيها الوقتَ الذي يجوز الطلاق فيه، والوقتَ الذي لا يجوز ذلك فيه، فيكون موجَّهًا تأويلُ الآية إلى ما روي عن ابن مسعود ومجاهد ومن قال بمثل قولهما فيه.
* * *
وأما قوله:" فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، فإنّ في تأويله وفيما عُني به اختلافًا بين أهل التأويل.
فقال بعضهم: عنى الله تعالى ذكره بذلك الدلالة على اللازم للأزواج المطلقات اثنتين (١) بعد مراجعتهم إياهن من التطليقة الثانية- من عشرتهن بالمعروف، أو فراقهن بطلاق. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
٤٧٩٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قلت لعطاء:"الطلاق مرتان"، قال: يقول عند الثالثة: إما أن يمسك بمعروف، وإما أن يسرح بإحسان. وغيره قالها (٣) قال: وقال مجاهد: الرجل أملك بامرأته في تطليقتين من غيره، فإذا تكلم الثالثة فليست منه بسبيل، وتعتدّ لغيره.

(١) في المخطوطة :"اللازم للأزواج المطلقات اثنتين" وفي المطبوعة :"اللازم للأزواج المطلقات" والذي أثبته أجود العبارات الثلاث.
(٢) في المخطوطة :"أو بفراقهن" بزيادة"باء" لا محل لها هنا.
(٣) في المطبوعة :"وغيرها قالها" والصواب من المخطوطة - ويعني : وغيره قال هذه المقالة، ثم ذكر مقالة مجاهد في تأويل الآية. هذا ما رأيت إلا أن يكون في الكلام تصحيف.


الصفحة التالية
Icon