ذلك، ودللنا على صحة القول فيه في نظيره الذي قد تقدم قبله، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
ثم قال تعالى ذكره:"وصية لأزواجهم"، فاختلفت القرأة في قراءة ذلك: فقرأ بعضهم:"وصية لأزواجهم"، بنصب"الوصية"، بمعنى: فليوصوا وصية لأزواجهم، أو: عليهم [أن يوصوا] وصية لأزواجهم. (٢)
* * *
و قرأ آخرون:( وَصِيِّةٌ لأزْوَاجِهِمْ )برفع"الوصية".
* * *
ثم اختلف أهل العربية في وجه رفع"الوصية".
فقال بعضهم: رفعت بمعنى: كتبت عليهم الوصية. واعتل في ذلك بأنها كذلك في قراءة عبد الله. (٣)
فتأويل الكلام على ما قاله هذا القائل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا، كتبت عليهم وصية لأزواجهم- ثم ترك ذكر"كتبت"، ورفعت"الوصية" بذلك المعنى، وإن كان متروكا ذكره.
* * *
وقال آخرون منهم: بل"الوصية" مرفوعة بقوله:"لأزواجهم" فتأول: لأزواجهم وصية.
* * *
والقول الأول أولى بالصواب في ذلك، وهو أن تكون"الوصية" إذا رفعت مرفوعة بمعنى: كتبت عليكم وصية لأزواجكم. لأن العرب تضمر النكرات مرافعها قبلها إذا أضمرت، فإذا أظهرت بدأت به قبلها، فتقول:"جاءني رجل اليوم"،

(١) انظر ما سلف في هذا الجزء : ٧٧-٧٩.
(٢) ما بين القوسين زيادة لا يستقيم الكلام إلا بها.
(٣) قراءة عبد الله بن مسعود :﴿ كتب عليكم الوصية لأزواجكم ﴾ انظر شواذ القراءات لابن خالويه : ١٥، ومعاني القرآن للفراء : ١/١٥٦، وغيرها المصححون.


الصفحة التالية
Icon