حيث شاءت، وهو قول الله:"غير إخراج". قال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهله وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، لقول الله تعالى ذكره:"فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن" = قال عطاء: جاء الميراث بنسخ السكنى، تعتد حيث شاءت ولا سكنى لها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره كان جعل لأزواج من مات من الرجال بعد موتهم، سكنى حول في منزله، ونفقتها في مال زوجها الميت إلى انقضاء السنة، (١) ووجب على ورثة الميت أن لا يخرجوهن قبل تمام الحول من المسكن الذي يسكنه، وإن هن تركن حقهن من ذلك وخرجن، لم تكن ورثة الميت من خروجهن في حرج. ثم إن الله تعالى ذكره نسخ النفقة بآية الميراث، وأبطل مما كان جعل لهن من سكنى حول سبعة أشهر وعشرين ليلة، وردهن إلى أربعة أشهر وعشر، على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٥٥٨٩- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا حجاج قال، أخبرنا حيوة بن شريح، عن ابن عجلان، عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وأخبره عن عمته زينب ابنة كعب بن عجرة، عن فريعة أخت أبي سعيد الخدري: أن زوجها خرج في طلب عبد له، فلحقه بمكان قريب فقاتله، وأعانه عليه أعبد معه فقتلوه، فأتت رسول الله ﷺ فقالت: إن زوجها خرج في طلب عبد له، فلقيه علوج فقتلوه، وإني في مكان ليس فيه أحد غيري، وإن أجمع لأمري أن أنتقل إلى أهلي! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل امكثي مكانك حتى يبلغ الكتاب أجله. (٢)
(٢) الحديث : ٥٥٨٩- حجاج : هو ابن رشدين بن سعد. وهو الذي يروي عن حيوة بن شريح، ويروي عنه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. وهو -عندنا- ثقة. وقد مضت ترجمته مفصلة في : ٧٦٣.
ابن عجلان : هو محمد بن عجلان المدني الثقة، مضى في : ٣٠٤.
سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة : مضى في : ٥٠٩٠. وقد وقع في المطبوعة هنا"سعيد" بدل"سعد" - كما وقع فيما مضى. والأشهر ما أثبتنا.
والحديث مضى مختصرا : ٥٠٩٠، من رواية فليح بن سليمان، عن سعد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وفصلنا القول في تخريجه، مطولا ومختصرا، كأنا استوعبنا هناك ما وجدنا من طرقه، إلا روايات الطحاوي فقد رواه في معاني الآثار ٢ : ٤٥-٤٦ بتسعة أسانيد. وإلا الطريق التي هنا، فلم نكن رأيناها. ثم لم نجد هذه الطريق في شيء من الدواوين، غير الطبري.
أما الحديث في ذاته فصحيح، ورواياته الصحاح - التي أشرنا إليها هناك : مطولة مفصلة بأكثر مما هنا.
فريعة بنت مالك، أخت أبي سعيد : هي بضم الفاء بالتصغير، في أكثر الروايات. ووقع اسمها في المخطوطة هنا"الفارعة". ولم أجدها في شيء من الروايات هكذا، إلا في إحدى روايات النسائي ٢ : ١١٣. وكذلك لم يذكر الحافظ في الإصابة هذ الرواية إلا عن رواية النسائي.
والحديث ذكره ابن كثير ١ : ٥٨٨-٥٨٩، عن رواية الموطأ، التي أشرنا إليها فيما مضى. وهي في الموطأ، ص : ٥٩١.