في هذه الآيات، فكذلك أبين لكم سائر الأحكام في آياتي التي أنزلتها على نبيي محمد ﷺ في هذا الكتاب، لتعقلوا- أيها المؤمنون بي وبرسولي- حدودي، فتفهموا اللازم لكم من فرائضي، وتعرفوا بذلك ما فيه صلاح دينكم ودنياكم، وعاجلكم وآجلكم، فتعلموا به ليصلح ذات بينكم، وتنالوا به الجزيل من ثوابي في معادكم.
* * *
القول في تأويل قوله :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره:"ألم تر"، ألم تعلم، يا محمد؟= وهو من"رؤية القلب" لا رؤية العين"، (١) لأن نبينا محمدا ﷺ لم يدرك الذين أخبر الله عنهم هذا الخبر، و"رؤية القلب": ما رآه، وعلمه به. (٢) فمعنى ذلك: ألم تعلم يا محمد، الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف؟
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله :"وهم ألوف".
فقال بعضهم: في العدد، بمعنى جماع"ألف".
* ذكر من قال ذلك:
٥٥٩٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= وحدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا وكيع= قال، حدثنا سفيان، عن ميسرة النهدي، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله:"ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم

(١) انظر ما سلف في معنى"الرؤية" ٣ : ٧٥-٧٩.
(٢) في المطبوعة :"وعلمه به" بزيادة الواو، وهي فاسدة، والصواب من المخطوطة.


الصفحة التالية
Icon