يعني بقوله:"يصير"، يميل = وأنّ أهل هذه اللغة يقولون:"صاروه وهو يصيره صَيرًا"،"وصِرْ وَجهك إليّ"، أي أمله، كما تقول:"صُره". (١).
* * *
وزعم بعض نحويي الكوفة أنه لا يعرف لقوله:( فصُرهن ) ولا لقراءة من قرأ:"فصرهن" بضم"الصاد" وكسرها، وجهًا في التقطيع، (٢). إلا أن يكون"فصِرْ هن إليك" ! في قراءة من قرأه بكسر"الصاد" من المقلوب، وذلك أن تكون"لام" فعله جعلت مكان عينه، وعينه مكان لامه، فيكون من"صَرَى يصري صَرْيًا"، فإن العرب تقول:"بات يَصْرِي في حوضه": إذا استقى، ثم قطع واستقى، (٣). ومن ذلك قول الشاعر: (٤).
صَرَتْ نَطْرَةً لَوْ صَادَفَتْ جَوْزَ دَارِعٍ... غَدَا وَالْعَوَاصِي مِنْ دَمِ الجَوْفِ تَنْعَرُ (٥)
"صَرَت"، قطعتْ نظرة، ومنه قول الآخر: (٦).
يَقُولُونَ: إنّ الشَّأَمَ يَقْتُلُ أَهْلَهُ... فَمَنْ لِي إِذَا لَمْ آتِهِ بِخُلُودِ... تَعَرَّبَ آبَائِي، فَهَلا صَرَاهُمُ... مِنَ المَوْتِ أَنْ لَمْ يَذْهَبُوا وَجُدُودِي!؟ (٧)

(١) انظر ما سلف في معاني القرآن للفراء ١ : ١٧٤.
(٢) أي : بمعنى التقطيع.
(٣) هذا بيان جيد، لا تجده في كتب اللغة.
(٤) لم أعرف قائله.
(٥) اللسان (نعر) (عصا)، ومعاني القرآن ١ : ١٧٤ -جوز كل شيء : وسطه، والدراع : لابس الدرع. والعواصى جمع عاص، يقال :"عرق عاص" وهو الذي لا يرقأ و لا ينقطع دمه، كأنه يعصى في الانقطاع الذي يبغي منه ولا يطيع، وأشد ما يكون ذلك في عروق الجوف. ونعر العرق بالدم : إذا فار فورانًا لا يرقأ، كأن له صوتًا من شدة خروج الدم منه. فهو نعار ونعور.
(٦) لم أعرف قائلهما.
(٧) معاني القرآن للفراء ١ : ١٧٤، معجم ما استعجم : ٧٧٣، اللسان (عرب) (شأم).
وتعرب القوم : أقاموا بالبادية، ولم يحضروا القرى. يقول سكن آبائي وجدودي البوادي وأقاموا فيها ولم يحضروا القرى، فلم يك ذلك نجاة لهم من المنايا. وقوله :"وجدودي، عطف على"آبائي"، ورواية البيت في اللسان أجود :
تَعَرَّبَ آبائِي، فَهَلاَّ صَرَاهُمُ مِنَ المَوْتِ رَمْلاَ عَالِجٍ وزَرُودِ
وهما موضعان مصحان من أرض العرب.


الصفحة التالية
Icon