القول في تأويل قوله :﴿ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"ولقد عفا عنكم"، ولقد عفا الله = أيها المخالفون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتاركون طاعته فيما تقدم به إليكم من لزوم الموضع الذي أمركم بلزومه = عنكم، فصفح لكم من عقوبة ذنبكم الذي أتيتموه، عما هو أعظم مما عاقبكم به من هزيمة أعدائكم إياكم، وصرفِ وجوهكم عنهم، (١) إذ لم يستأصل جمعكم، كما:-
٨٠٤٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن مبارك، عن الحسن، في قوله:"ولقد عفا عنكم"، قال: قال الحسن، وصفَّق بيديه: وكيف عفا عنهم، وقد قتل منهم سبعون، وقُتل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته، وشج في وجهه؟ قال: ثم يقول: قال الله عز وجل:"قد عفوت عنكم إذ عصيتموني، أن لا أكون استأصلتكم". قال: ثم يقول الحسن: هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الله غضابٌ لله، يقاتلون أعداء الله، نهوا عن شيء فصنعوه، فوالله ما تركوا حتى غُمُّوا بهذا الغم، فأفسق الفاسقين اليوم يَتَجَرْثَمُ كل كبيرة، (٢) ويركب كل داهية، ويسحب عليها ثيابه، ويزعم أن لا بأس عليه!! فسوف يعلم.
٨٠٤٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله:"ولقد عفا عنكم"، قال: لم يستأصلكم.
(٢) في المطبوعة: "يتجرأ على كل كبيرة"، تصرف في نص المخطوطة، وتجرثم الشيء: أخذ معظمه، وجرثومة كل شيء: أصله ومجتمعه.