إذا زوّج ابنته، عمد إلى صداقها فأخذه، قال: فنزلت هذه الآية في الأولياء:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا".
* * *
قال أبو جعفر وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، التأويلُ الذي قلنا= وأن الآية مخاطب بها الأزواج. لأن افتتاح الآية مبتدأ بذكرهم، وقوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" في سياقه.
* * *
وإن قال قائل: فكيف قيل:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، وقد علمت أنّ معنى الكلام: فإن طابت لكم أنفسهن بشيء؟ وكيف وُحِّدت"النفس"، والمعنى للجميع؟ وذلك أنه تعالى ذكره قال:"وآتوا النساء صَدُقاتهن نحلة".
قيل: أما نقل فعل النفوس إلى أصحاب النفوس، فإن ذلك المستفيض في كلام العرب. من كلامها المعروف:"ضِقت بهذا الأمر ذراعًا وذرعًا"="وقررت بهذا الأمر عينًا"، والمعنى! ضاق به ذرعي، وقرّت به عيني، كما قال الشاعر: (١)
إِذَا التَيَّازُ ذُو العَضَلاتِ قُلْنَا:... إلَيْكَ إلَيْكَ"! ضَاقَ بِها ذِرَاعَا (٢)
(٢) ديوانه: ٤٤، معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٦، واللسان (تيز)، ثم ج ٢٠: ٣١٩، وقد استشهدت به فيما سلف ١: ٤٤٦، تعليق: ٦، فانظره، من قصيدته التي مجد فيها زفر بن الحارث، وهذا البيت في صفة ناقته التي أحسن القيام عليها حتى اشتدت وسمنت وامتلأت نشاطًا، وقبله:
فَلَمَّا أن جَرَى سِمَنٌ عَلَيْهَا | كما بَطَّنْتَ بالفَدَن السَّيَاعَا |
أَمَرْتُ بِهَا الرِّجَالَ ليأخُذُوهَا | وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنْ لَنْ تُسْتَطَاعَا |
وعندي أن شرح الشراح في"إليك" صواب جيد، وقد استدرك ابن بري اجتهاده، ولم يصب فيما استدرك.