وقد ذكر ابن عباس وجماعة غيره أنه كان ملتبسًا عليهم تأويل ذلك.
٩٠١٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال، قال رجل لسعيد بن جبير: أما رأيت ابن عباس حين سُئِل عن هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، فلم يقل فيها شيئًا؟ قال فقال: كان لا يعلمها.
٩٠١٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، عن مجاهد قال: لو أعلم من يفسّر لي هذه الآية، لضربت إليه أكباد الإبل، قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" إلى قوله:"فما استمتعتم به منهن"، إلى آخر الآية. (١)
* * *
قال أبو جعفر: فأما"المحصنات"، فإنَّهن جمع"مُحْصَنة"، وهي التي قد مُنع فرجها بزوج. يقال منه:"أحْصَن الرجلُ امرأته فهو يُحْصنها إحصانًا"،"وحَصُنت هي فهي تَحْصُن حَصَانة"، إذا عفَّت ="وهي حاصِنٌ من النساء"، عفيفة، كما قال العجاج:
وَحَاصِنٍ مِنْ حَاصِنَاتٍ مُلْسٍ... عَنِ الأذَى وَعَنْ قِرَافِ الْوَقْسِ (٢)
وهذا الأثر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٣٩، لم ينسبه لغير ابن جرير.
(٢) ديوانه: ٧٩، واللسان (حصن) (قنس) و (وقس). وقد سلف من هذه القصيدة أبيات في ٣: ٤٠٣، يذكر فيها أبا العباس السفاح وخلافته، وهذا الشعر في ديوانه ملفق غير متصل، فلذلك لم أستطع أن أميز الآن، من على بقوله: "وحاصن"، وكأنه عنى أم أبي العباس.
وقوله: "ملس" جمع"ملساء" وأراد بها البراءة من كل عيب يذم، كالشيء الأملس وهو البريء من الخشونة والعيوب والابن، ويقول المتلمس، وصدق العربي الحر:
فَلا تَقْبَلَنْ ضَيْمًا مَخَافَةَ مِيتَةٍ، | وَمُوتَنْ بِهَا حُرًّا وَجِلْدُكَ أَمْلَسُ |