القول في تأويل قوله :﴿ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا (٨٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولولا إنعام الله عليكم، أيها المؤمنون، بفضله وتوفيقه ورحمته، (١) فأنقذكم مما ابتلى به هؤلاء المنافقين = الذين يقولون لرسول الله ﷺ إذا أمرهم بأمر:"طاعة"، فإذا برزوا من عنده بيت طائفة منهم غير الذي يقول = لكنتم مثلهم، فاتبعتم الشيطان إلا قليلا كما اتبعه هؤلاء الذين وصف صفتهم.
* * *
وخاطب بقوله تعالى ذكره:"ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان"، الذين خاطبهم بقوله جل ثناؤه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ) [سورة النساء: ٧١].
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في"القليل"، الذين استثناهم في هذه الآية: من هم؟ ومن أيّ شيء من الصفات استثناهم؟
فقال بعضهم: هم المستنبطون من أولي الأمر، استثناهم من قوله:"لعلمه الذين يستنبطونه منهم"، ونفى عنهم أن يعلموا بالاستنباط ما يعلم به غيرهم من المستنبطين من الخبر الوارد عليهم من الأمن أو الخوف. (٢)
*ذكر من قال ذلك:
١٠٠٠٧ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد،

(١) انظر تفسير"الفضل" فيما سلف: ٥٣٥، تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٧٩، ويعني أن الاستثناء من"الاستنباط" لا من"الإذاعة".


الصفحة التالية
Icon