يحيذ". ومن لغة من قال:"حاذ"، قول العجاج في صفة ثور وكلب:
يَحُوذُهُنَّ وَلَهُ حُوذِيّ (١)
وقد أنشد بعضهم:
يَحُوزُهُنَّ وَلَهُ حُوزِيُّ (٢)
وهما متقاربا المعنى. ومن لغة من قال"أحاذ"، قول لبيد في صفة عَيْرٍ وأتُنٍ: (٣)
إذَا اجْتَمَعَتْ وَأَحْوَذَ جَانِبَيْهَا... وَأَوْرَدَها عَلَى عُوجٍ طِوَالِ (٤)
يعني بقوله:"وأحوذ جانبيها"، غلبها وقهرَها حتى حاذ كلا جانبيها، فلم يشذّ منها شيء.
وكان القياس في قوله:( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ) أن يأتي:"استحاذ عليهم"، لأن"الواو" إذا كانت عين الفعل وكانت متحركة بالفتح وما قبلها ساكن، جعلت العرب حركتها في"فاء" الفعل قبلها، وحوَّلوها"ألفًا"، متبعة حركة ما قبلها، كقولهم:"استحال هذا الشيء عما كان عليه"، من"حال يحول"= و"استنار

(١) ديوانه: ٧١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١ : ١٤١، واللسان (حوذ) (حوز)، ورواية الديوان:
يَحُوذُها وَهْوَ لَهَا حُوذِيُّ خَوْفَ الخِلاطِ فَهْوَ أَجْنَبِيُّ
كَمَا يَحُوذُ الفِئَةَ الكَمِيُّ
وفسروا"يحوذها": يسوقها سوقًا شديدًا، ومثله"يحوزها" في الرواية الآتية.
(٢) انظر اللسان (حوذ) و(حوز).
(٣) "العير" حمار الوحش، و"الأتن" جمع"أتان"، وهي أنثاه.
(٤) ديوانه: القصيدة: ١٧، البيت: ٣٩، واللسان (حوذ)، وقوله: "إذا اجتمعت" يعني إناث حمار الوحش حين دعاها إلى الماء، فضمها من جانبيها، يأتيها من هذا الجانب مرة، ومن هذا مرة حتى غلبها ولم شتاتها، و"العوج الطوال" قوائمه، وبعد البيت:
رَفَعْنَ سُرَادِقًا في يَوْمِ رِيحٍ يُصَفَّقُ بين مَيْلٍ واعْتِدالِ
يعني غبارها، ارتفع كأنه سرادق تصفقه الريح وتميله مرة هكذا ومرة هكذا، فهو يميل ويعتدل.


الصفحة التالية
Icon